محرقة خميني، الصيف الدامي لعام ١٩٨٨
بقلم: المحامي عبد المجيد محمد
في صيف عام 1988، شهدت إيران “محرقة” كبيرة. على الرغم من عدم وجود مخيمات وأفران هتلرية مشتعلة للحرق فيها لكنها كانت محرقة قاسية جدا قتل فيها أكثر من ٣٠ ألف سجين سياسي بدون أي شفقة أو رحمة. مذبحة تعتبر أفظع جريمة ضد الإنسانية لم يسبق لها مثيل بعد الحرب العالمية الثانية وفقا لشهادة المؤرخين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
هولوكوست نفذها الخميني من خلال فتوى شرعية صدرت من قبله وكتب بخط يده: “أؤلئك الأشخاص القابعون في السجون في جميع أنحاء البلاد والذين أصروا على موقف نفاقهم سوف يتم محاربتهم والحكم عليهم بالإعدام”.
السجناء الذين أشار إليهم خميني كانو أعضاء ومناصري منظمة مجاهدي خلق الذين قالوا «لا» لأطروحة ولاية الفقيه وضحوا بأرواحهم وأموالهم فداء للدفاع عن المعايير الإنسانية وحقوق الإنسان وكانوا مستعدين لتقديم كل التضحيات في سبيل ذلك”.
هؤلاء السجناء تم إعدامهم بشكل جماعي بشكل سريع ومستعجل في إجراء خارج عن القضاء بشكل مطلق وتم دفنهم خفية في مقابر جماعية. على الرغم من أن هذه الفاجعة والكارثة تعتبر أمرا رهيبا وغير قابل للتصديق لكن حقيقة وطبيعة ولاية الفقيه المعادية للإنسان هي كذلك وينبغي ألا يكون هناك أي توقعات أخرى. في نظام ولاية الفقيه أي نوع من أنواع المظاهرات أو الاحتجاجات المحقة تواجه الاعتقال والتعذيب والقمع وفي النهاية الإعدام.
لماذا هولوكوست خميني؟
الخميني، بعد القبول القسري بقرار وقف إطلاق النار في الحرب الإيرانية العراقية في يوليو 1988 – لأن ذلك كان نتيجة حركة السلام والأعمال التي قام بها مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية – سعى للانتقام وقرر الانتقام منهم بأي طريقة ممكنة حتى لا يجرؤ أي شخص آخر على الاحتجاج ومخالفة شخص الخميني ونظامه.
والخميني والملالي التابعين له كانوا يتوهمون بأنهم سينهون حياة حركة المقاومة من خلال القتل الجماعي ومذبحة السجناء السياسيين ومن خلال القمع الشديد وبأنهن سيستمرون لمدة طويلة. والخميني شخصيا أراد أن يمحي صورة قضية هذه المنظمة من تاريخ المقاومة من خلال الإعدام والقتل الجماعي للمجاهدين لكنه كان مخطئا وبشدة ولم يصل لهذا المطلب في فترة حياته فحسب بل تحمل نظامه من بعده تبعات هذا العمل الإجرامي والإبادة الجماعية.
في الظروف الحالية حيث نزل الشعب الإيراني إلى الشوارع منذ أكثر من ٨ أشهر وشعاراتهم الأساسي كانت الموت لخامنئي والموت لروحاني والموت لمبدأ ولاية الفقيه. الملا روحاني يطالب الشعب الإيراني ملتمسا وبالطبع بشكل مخادع بعدم الإصغاء لدعوات المجاهدين بالقدوم إلى الشوارع وكذلك خبراء النظام ينعقون في وسائل الإعلام الحكومية والأبواق الدعائية حول ”العامل الثالث الذي دخل إلى المشهد وهذا العامل الثالث … مع أذرعه التي هي مراكز العصيان .. تعمل على حرق الثروة الأساسية للنظام والتي هي جيل شباب هذه الأرض“
خميني ومنذ ثلاثين عاما مضت صمم من خلال فتوى لاشرعية ولا إنسانية دفن صورة القضية الإيرانية التي هي الحرية والديمقراطية من خلال دفن وقتل الأحرار الإيرانيين لكنه كان مخطئا جدا في حساباته. إن ما تم دفنه ليس أجساد ميتين ومعدومين بل كانت بذرة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي بقيت مخفية داخل التربة.
التربة الدافئة لصيف عام ١٩٨٨ ورات الأجساد الملطخة بالدماء لثلاثين ألف ضحية كأمانة عندها في قلبها النابض.
بذور مذبحة عام ١٩٨٨ ظهرت الآن فوق سطح التراب وأتت متبلورة في مراكز العصيان والاحتجاجات الواسعة الوطنية في إيران من أجل قلع أسس ولاية الفقيه.
مذبحة صيف عام ١٩٨٨ أحد أفضل المؤشرات التي تميز جبهة الشعب الإيراني عن أعداء الشعب الإيراني. لكن بالإضافة لنظام ولاية الفقيه هناك أشخاص أيضا منسجمون معه ويسعون أن يبقى الصمت يلف حيثيات هذه المجزرة وهدفهم هو أن يهرب مسؤولو وعملاء هذه الجريمة من وجه العدالة.
لكنه حان الوقت الآن لإنهاء هذا التماشي والانسجام مع نظام ولاية الفقيه ومن الضروري واللازم على مجلس الأمن الدولي القيام بالترتيبات المناسبة من أجل محاكمة رؤوس النظام ومسؤولي وعملاء هذه المجزرة ومسؤولي أربعة عقود من الجرائم المعادية للإنسانية. العديد من مسؤولي وعملاء مجزرة الصيف الدموي من عام ١٩٨٨ هم الآن في نظام ولاية الفقية ويشغلون حاليا مناصب حساسة ومهمة ومن بينهم إبراهيم رئيسي على رأس الامبراطورية المالية (مؤسسة قدس رضوي) في خراسان.
علي رضا أفايي أحد المنفذين الرئيسيين لعمليات الإعدام الجماعي التي تمت في صيف عام ١٩٨٨ في منطقة خوزستان وبشكل خاص في مدينة دزفول. وهو الآن يشغل منصبا طنانا (وزيرا للعدل) في حكومة الملا روحاني. مصطفى بور محمدي أحد العملاء الأساسيين والفاعلين في مذبحة عام ١٩٨٨ وكان يشغل منصب وزير العدل في حكومة روحاني الأولى والآن هو المستشار الأعلى لصادق لاريجاني في السلطة القضائية لولاية الفقيه ويعمل على قتل وذبح المحتجين والمنتفضين.
الكلام الأخير هو أنه حان الوقت لأن يقف المجتمع الدولي وخاصة المجتمع الصديق والمتحالف مع الشعب الإيراني أي العالم العربي إلى جانب الشعب الإيراني في انتفاضته ضد الفاشية الدينية الحاكمة على هذا البلد والاعتراف رسميا بمطالبهم المحقة في تغيير النظام ونيل الحرية.